العراق: الأكراد مفيدون جدا ... طالما لا يطالبون بالاستقلال - 2017

إطبع
ترجمة

العراق: الأكراد مفيدون جدا ... طالما لا يطالبون بالاستقلال

من أسبوعية النضال العمالي في 20 سبتمبر / أيلول 2017، عدد رقم 2564
الرابط نحو النص الاصلي: https://journal.lutte-ouvriere.org/2017/09/20/irak-les-kurdes-bien-utile...

في يوم الاثنين 18 أيلول / سبتمبر أمرت المحكمة العليا العراقية بتعليق استفتاء الاستقلال المقرر في 25 سبتمبر في كردستان العراق الذي يتمتع بنظام حكم ذاتي منذ عام 2005. وهي قد بررت هذا القرار بالقول بأن هذا الاستفتاء ليس دستوريا، ولكنه من الواضح أن الأسباب الحقيقية لذلك مغايرة.

والحكومة العراقية، بشخص رئيس وزراءها حيدر العبادي، ليست الوحيدة التي لا تستحسن استقلال كردستان العراق. فالقوى الإمبريالية، على رأسها الولايات المتحدة، فضلا عن القوى الإقليمية، تركيا وإيران، تعارضه أيضا.

في عام 1991، بعد حرب الخليج الأولى ضد نظام صدام حسين، وجد القادة الأمريكيون أنه من المفيد الاعتماد على الأكراد العراقيين ضد نظام صدام حسين. وقد أدى ذلك، بحكم الظروف، إلى نشوء نظام حكم ذاتي للأراضي الكردية العراقية، ليتم تشكيله رسميا في عام 2005، بعد عامين من بدء الحرب الثانية ضد العراق وسقوط صدام حسين. إن التنمية النسبية الناجمة عن الموارد النفطية الكبيرة والتجارة المثمرة مع تركيا المجاورة، والسلام النسبي الذي تمتع به الاقليم، على عكس أجزاء أخرى من العراق التي دمرتها الحرب الإمبريالية، أدى ذلك إلى تعزيز السلطة الكردية وإثراء الطبقة الحاكمة. ولكن السماح للأكراد في العراق بإضفاء الاستقلال بشكل رسمي يشكل مشكلة معقدة للقادة الإمبرياليين.

فقبل الإعلان عن الاستفتاء بيوم، قام مسعود بارزاني رئيس كردستان العراق باستقبال وفد مكون من ممثلين اميركيين وبريطانيين ومن الامم المتحدة، وقد أتو لمحاولة ثنيه عن القيام بهذا الاستفتاء. كما أعربت القوى الإقليمية، تركيا وإيران، عن معارضتها له. فتركيا تخشى من أن يؤدي إعلان الاستقلال عن كردستان العراق إلى تشجيع الأكراد السوريين على حدودها بالقيام بالمثل، ناهيك عن أكراد تركيا أنفسهم. أما إيران، فهي من جانبها تدعم الحكومة العراقية، كما يبلغ عدد الاكراد فيها بين الـ 8 و9 ملايين كردي من أصل إجمالي سكانها البالغ الـ80 مليون نسمة، وقد يمكن لهؤلاء التحرك أيضا.

والولايات المتحدة تود إرضاء مختلف حلفائها. وقد ضاعف بريت ماكجورك، المبعوث الأمريكى إلى التحالف الدولى فى سوريا والعراق، الاجتماعات مع مختلف الأحزاب السياسية الكردية في محاولة لإقناعهم بتأجيل الاستفتاء، قائلين أن توقيته ليس مناسبا نظرا لأن الحرب ضد جهاديي داعش لم تنته بعد.

المشكلة هي بأنه في معركها ضد داعش، لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى المقاتلين الأكراد العراقيين. ومنذ بداية الهجوم الذي شنته الميليشيات الجهادية في عام 2014، شكل الأكراد المقاومة الوحيدة بوجههم في حين أن القوات العراقية النظامية كانت تتراجع أمام هذا الهجوم. وفي الآونة الأخيرة، شارك الأكراد العراقيون في المرحلة الأولى من الهجوم على الموصل التي يعتبرونها جزءا من كردستان العراق.

إن الزعماء الإمبرياليين، الذين لا يهتمون بالأكراد إلا عندما يمكنهم استخدامهم، وبشكل خاص كوقود حرب ضد داعش، يحاولون كسب الوقت لمحاولة الخروج من تناقضات سياساتهم.

فكل ما يقترحه هؤلاء الزعماء على القادة الأكراد العراقيين هو الاكتفاء بالوضع الراهن. ولكنها سياستهم برمتها هي التي دفعت الشرق الأوسط إلى مأزق غير قابل للحل.