تركيا: الهجوم الذي يحمل توقيع "الدولة الإسلامية" ... ونظام اردوغان - 2015

إطبع
ترجمة

من اسبوعية النضال العمالي في 29 يوليو 2015

* * * * * * * * * * *

الاثنين 20 يوليو، قامت "الدولة الإسلامية" بهجوم انتحاري في بلدة سروج التركية، وهي بلدة صغيرة واقعة بالقرب من الحدود السورية. فجر الانتحاري الشاب التابع "للدولة الإسلامية" نفسه وسط تجمع ل350 من الشباب الآتين من مناطق مختلفة من البلاد، كجزء من التحرك التضامني مع الأكراد في سوريا. فكانت الحصيلة 32 قتيلا و 104 جريحا، بعضهم فى حالة خطيرة جدا.

من الواضح أن "الدولة الإسلامية" قد عمدت استهداف هؤلاء الشباب الذين ينتمي قسم كبير منهم لأقسى اليسار، وكانوا بصدد الانتهاء من عقد مؤتمر صحفي لتحديد كيفية مساعدة الأكراد في إعادة بناء بلدة كوبانة (عين العرب) التي دمرت إلى حد كبير جراء القتال الذي حصل بين ميليشيات "الدولة الإسلامية" وتلك التابعة للأكراد السوريين.

وكانت "للدولة الإسلامية" قد قامت مؤخرا بعملية في تركيا، بضعة أيام قبل انتخابات 7 يونيو الماضي، حيث فجرت عبوة وسط حشد في بلدة "ديار بكر" في الكردستان التركي، خلال عقد اجتماع لحزب الشعب الديمقراطي الموالي للاكراد. ولكن ما يثير السخط هو تغاضي وحتى تواطؤ الدولة التركية مع "للدولة الإسلامية".

فأقلها في حالة بلدة "ديار بكر"، من الأرجح أن الشرطة وأجهزة الاستخبارات كانت على بينة من تحضير الهجوم. على أية حال، لم تفعل هذه الاجهزة شيئا للحؤول دون تحرك المسلحين في المنطقة الحدودية التي أصبحت بمثابة قاعدة خلفية لهم، وذلك على مرأى ومسمع الجميع.

وفي مساء يوم الهجوم قامت مظاهرات احتجاجية في جميع أنحاء تركيا منددة باللعبة المزدوجة التي تقوم بها السلطة التركية. فحكومة اردوغان قد قامت بتعزيز نشاط "للدولة الإسلامية" آملة بإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، وذلك حتى إلى أن استولت "للدولة الإسلامية" على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا الأمر الذي دفع بصناع السياسة الأمريكية على إعادة النظر بدعمها لهذا التنظيم.

فانضمت تركيا رسميا للائتلاف التي تشكل لمواجهة "الدولة الإسلامية" في نفس الوقت الذي رفضت فيه الهجوم على هذا التنظيم. كما رفضت السماح للجيش الأمريكي باستخدام القواعد الجوية التركية في حين استمرت في السماح "للدولة الإسلامية" بالعمل على الاراضي التركية. الحقيقة أن حكومة حزب العدالة والتنمية التابعة لأردوغان لا يمكن إلا أن تستحسن وجود منظمة معادية في الوقت نقسه للنظام السوري ولميليشيات حزب العمال الكردستاني التي تحارب من أجل استقلال كردستان تركيا.

هذه المرة، أثار الهجوم الانتحاري الذي وقع في تركيا عاصفة من السخط الشعبي اضطرت السلطة التركية للتحرك، خصوصا وأنها تتعرض منذ عدة أشهر لضغط الزعماء الغربيين لكي توقف دعمها المخفي "للدولة الإسلامية" . ومنذ 24 يوليو، أي بعد ثلاثة أيام على عملية سروج، شنت الطائرات المقاتلة التركية غارات لضرب "للدولة الإسلامية" ... وكذلك معسكرات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. كما أجرت الحكومة التركية سلسلة من الاعتقالات لناشطين تابعين "للدولة الإسلامية" إلى جانب اعنقال القوميين الأكراد والمناضلين التابعيين لليسار المتطرف.

وعلى الرغم من عنف عمليات القصف، لا شيء يؤكد على أن النظام التركي قد أنهى تواطئه مع "الدولة الإسلامية". ذلك أن "الدولة الإسلامية" تخدم أردوغان سياسيا في الوضع الحالي. فبعد انتخابات يونيو، التي أعطت حزب العدالة والتنمية الأغلبية النسبية، يود اردوغان تفادي تشكيل حكومة ائتلافية، وبالتالي اللجوء إلى انتخابات مبكرة. وهو الآن يأمل أن مناخ التوتر الناجم عن تفجير سروج سوف يحول دون تخطي حزب الشعب الديمقراطي الموالي للأكراد عتبة ال 10% التي تخوله الحصول على مقاعد في البرلمان.

في محصلة الأمر، بهذا الهجوم المروع، ذهبت حياة 32 من النشطاء الشباب وجرح 104 آخرون لمجرد رغبتهم في التضامن مع الشعب الكردي في سوريا والواقع ضحية "الدولة الإسلامية" المدعومة من قبل حكومة أردوغان. إن هذا الأمر يشكل طعنا لسياسة الدولة التركية برمتها.