بعد هجوم كونفلانس: لا للسماح بالانقسام بين العمال! - أكتوبر 2020

Drucken
ترجمة

بعد هجوم كونفلانس: لا للسماح بالانقسام بين العمال!

النضال العمالي، افتتاحية نشرة الشركات في 20/10/2020

 

إن مقتل الأستاذ في مدينة كونفلانس (Conflans) بالضواحي الباريسية، والذي قطع رأسه بسبب عرضه لرسوم كاريكاتورية لمجلة تشارلي إيبدو، يغرقنا مرة أخرى في الشناعة. شناعة واشمئزاز يضاعفهما حقيقة أن هذه الأعمال المشينة لا يزال يستخدمها العنصريون والرجعيون والمعادون للمهاجرين، الأمر الذي يؤدي إلى انقسام الوسط العمالي.

 

العمل مروع. وكذلك أيضا سلسلة الاحداث التي أوصلت الشاب الشيشاني البالغ من العمر 18 عاما إلى القيام به. فهذا الجرم جاء بعد حملة من التحريض والإشاعات أطلقتها الحركة الإسلاموية الأصولية. فهي قامت بالتشهير بالأستاذ علنيا، بعد أن قدمت الدرس في حرية التعبير الذي قام به على أنه عمل عنصري ومعادي للإسلام.

يدعي هؤلاء المحرضون الأصوليون أنهم يتحدثون نيابة عن المسلمين الذين قد يشعرون، عن حق، بأنهم موصومون ومرفوضون في فرنسا. لكن هؤلاء الأصوليون يهدفون إلى شيء واحد فقط: فرض نظامهم الأخلاقي على الجميع، بدءا من المسلمين.

ولا يقتصر ذلك على ما يتم تدريسه في المدرسة. إذ أنهم يريدون التحكم بحياة المسلمين، فيهددون كل من لا يمارس شهر رمضان بحسب تعاليمهم، أو من يشرب الكحول. ويضغطون على المسلمات اللواتي لا يتبعن قواعدهم. وفي المستقبل، بحماستهم، سيمنعون الاستماع إلى الموسيقى ولعب كرة القدم. إن هذا ما يفعلونه في بعض البلدان حيث هم في السلطة. وهذا ما رأيناه في المناطق التي سيطرت عليها داعش.

والدكتاتورية التي يعدون إليها سوف تقمع قبل كل شيء الطبقات الشعبية. فكما أن العالم الغربي لديه فاشيو اليمين المتطرف، فلدى العالم الإسلامي فاشيوه أيضا. وعندما تستخدم الهوية اليمينية المتطرفة الخوف من الأجنبي، يستخدم الإسلاميون الدين للسيطرة على ما يعتبرونه مجتمعهم.

 

كلاهما يتغذيان من بعضهما البعض، وكلاهما أعداء لدودين للعمال. والاثنان مستعدان لحفر حفرة من الدماء وفرض نفسيهما بالإرهاب. لقد رأينا ذلك في أوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي مع هتلر، وفي الجزائر خلال العقد الأسود في التسعينيات، ومؤخرا في سوريا والعراق مع داعش.

 

وسواء كانوا ينتمون إلى صفوف اليمين المتطرف أو الأصوليين، هؤلاء الساعون إلى تقييد الحريات يريدون جعلنا قطعان مواشي مطيعين وخاضعين لإرادتهم، كما أيضا إلى إرادة أرباب العمل. فالأمر لا يتعلق فقط بمناقشة أين تكمن حدود حرية التعبير. إن حقوقنا ومصالحنا كعمال هي المهددة: حرية الاحتجاج والتنظيم والمطالبة والإضراب.

 

لذلك يجب على العمال أن يحاربوا هذين العدوين من خلال الاتحاد كبروليتاريين، انطلاقا من مصالحهم المشتركة كمستغلين وعلى النضالات التي يتعين عليهم خوضها معا، يوما بعد يوم.

 

مثل جميع القادة السياسيين الآخرين، دعا ماكرون إلى الوحدة الوطنية وإلى احترام الجمهورية. ولكن وراء ما يسمى بقيم الجمهورية هناك نظام اجتماعي يتعارض مع قيم الحرية والمساواة والأخوة.

 

فالمجتمع لا يتفكك تحت أفعال الناشطين الرجعيين وحدهم. إن هؤلاء لا يقومون إلا باستغلال، على الصعيد السياسي، الإهمال والحرمان الذي يغرق فيه ملايين النساء والرجال جراء الأزمة والبطالة الجماعية والبؤس. إن الشعور بالغبن والغضب الناتج عن ذلك يشكل تربة خصبة للتعصب والفردية والعنف، لا سيما في زمن الأزمات.

 

إن النظام الاجتماعي الرأسمالي، والأزمة الناتجة عنه بشكل خاص، يخلقان مكونات آلة مميتة. وسياسة الحكومة، المواتية بشكل منهجي للأغنياء وللبرجوازية، ضد العمال، تعمل فقط على تسريع هذه الآلية.

 

فماذا سيحدث غدا؟ بسبب هؤلاء الأوغاد المتعصبين والمجندين من قبل الشبكات الإرهابية، كم سوف يزيد عدد العمليات البوليسية بحق الشباب ذو البشرة السمراء في الأحياء الشعبية، وهم يواجهون أصلا العنصرية والاحكام المسبقة؟ وبسبب الإرهابيين الذين يتمتعون بوضع اللاجئ، كم من المهاجرين الفارين من الحروب والاضطهاد سوف يتم رفضهم؟ وحدهم العمال، المتحدون باختلاف أصولهم وجنسياتهم وأديانهم، يمكنهم إخراج المجتمع من هذه الدوامة.

 

إن الوعي العمال بإمكانيتهم معا تغيير المجتمع، وبواجبهم القيام بهذا التغيير، هو ما يجب أن يكون بوصلتهم. لأن التعصب الديني، والأصولية، والإرهاب الفاشي، ينبثقان للأسف، مثل الوحوش القذرة، من رحم مجتمعنا. فللحد الأعمال الهمجية كحادثة القتل في مدينة كونفلانس، علينا تغيير المجتمع نفسه.

 

مصدر النص : https://www.union-communiste.org/ar/lnsws-bllg-lrby

 

النص باللغة الفرنسية : https://www.lutte-ouvriere.org/editoriaux/apres-lattentat-de-conflans-ne-pas-se-laisser-diviser-entre-travailleurs-152290.html