إنتخاب أوباما، شجب لبوش. على العمال إجبار الرأسماليين على دفع ثمن الأزمة 2008

Drucken
ترجمة

2008-11-07

إنتخاب أوباما، شجب لبوش. على العمال إجبار الرأسماليين على دفع ثمن الأزمة.

هكذا إذا، إن باراك أوباما هو الذي فاز في الانتخابات الرئاسية الاميركية. ما فتأ المعلقون، حتى في فرنسا، يكررون أن الحدث تاريخي. وهو ما ينسجم، على غير عادة، مع ردود الفعل الحماسية والمتأملة لوسائل الإعلام الأمريكية.

من المفهوم أن انتخاب رئيس للجمهورية من الحزب الديمقراطي، محنط من أصل إفريقي، ينظر إليه الأمريكيين السود على أنه انتصار. وكذلك أيضا حال ذو أصل اسباني أو من الهنود الذين يشعرون بالظلم أو الاستبعاد في هذا البلد، حيث لم يلغى نظام العبودية إلا في عام 1865، و حيث ظل التمييز العنصري رسميا في عدة ولايات إلى ما يسبق حوالي الأربعين عاما من الآن.

ويمكن الفهم أيضا، أنه بعد سنوات بوش، التي حملت الحرب في العراق وأفغانستان، والأزمة الاقتصادية، يظهر هذا التغيير، في أعين غالبية الناخبين مهما كانت أصولهم، كوعد للتغيير في العديد من المجالات. وأوباما لم يكن في حاجة إلى الوعد - بل كان حريصا على عدم تقديم أي وعد ملموس - حيث أن شخصه يشكل وعدا بحد ذاته.

ويمكن للمرء أن يشعر بشيء من الارتياح مع فوز أوباما لأنه يعني فشل المعسكر الذي جسده ماكين ومعاونته الرجعية بلاين، معسكر التحفظ الاجتماعي والتعصب المعلن. فهو تنصل من بوش وسياسته. والفوز الضخم لأوباما علامة على أن النعرات العنصرية لا تهيمن على الاختيار الذي قام به الشعب.

لكن الارتياح يتوقف هناك. فعلى عكس شعاره الانتخابي الواعد بالتغيير، فإن أوباما سوف يحكم مثل الذين سبقوه، أي وفقا لمصالح البرجوازية الكبيرة لأمريكية. فكيف يمكن للمرء التخيل أن البرجوازية الاميركية البالغة القوة، والتي تسيطر ليس فقط على الولايات المتحدة بل أيضا، في بعض الشكل، على العالم أجمع، يمكنها أن تضع مصير الدفاع عن مصالحها هواء التقلبات الانتخابية؟

ففي سبيل تسميتهما كالمرشحين الرسميين لأكبر حزبين في السباق إلى الرئاسة، توجب على ماكين وأوباما الحصول على قبول الطبقة السائدة، وذلك عبر مجموعة متنوعة من المصافي الانتخابية. كما توجب امتلاك الكثير من الأموال من أجل تمويل حملة واسعة على صعيد هذا البلد الشاسع، مع تكلفة الظهور صفحات الصحف الرئيسية، وساعات من البرامج التلفزيونية والإذاعية.

للتأكد من الفوز في كلا الحالتين، قامت البرجوازية بتمويل المتنافسين. لكن أوباما حصد مالا أكثر من منافسه. على طريقتها، صوتت البرجوازية الأميركية قبل الاقتراع، مستعملة الأوراق الخضراء كأوراق اقتراع. وهذه الحال معتادة، ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن لم يسبق للمبالغ أن كانت بهذا الحجم.

وإن مولت البنوك الكبرى في وول ستريت أوباما بشكل كبير، فذلك ليس لأنهم لا يخشونه وحسب. بل إن ذلك أيضا بسبب الائتمان الذي يحظى به عند الشعب، خاصة لدى القسم الأكثر تضررا من الأزمة المالية، حيث من الأفضل تنويمهم بالأوهام الناعمة. وباستطاعة أوباما تمرير تدابير التقشف أكثر مما كان يستطيعه بوش.

أزمة الاقتصاد الرأسمالي قد أصابت بشدة الطبقة الشعبية في هذا البلد. مليوني شخص على الأقل أصبحوا مرميين في الشارع، لعدم قدرتهم على دفع المبالغ المستردة من منازلهم للبنوك. وهؤلاء، أو آخرون، بعد مساهمتهم طوال حياتهم في صناديق التقاعد الخاصة التي أصبحت الآن تحت خطر الإفلاس، لن يتبقى لهم شيئا عند شيخوختهم. والشركات تقلل عدد عمالها، الواحدة بعد الأخرى، أو تقوم بإغلاق المصانع، في حين أن التقارير التلفزيونية أشارت إلى تفاقم البطالة في الأحياء الشعبية في المدن الصناعية ليتجاوز معدل ال50 ٪.

في هذا البلد، الأغنى في العالم الرأسمالي، يزج بقسم من الطبقة الشعبية إلى حالة من البؤس المروع كما في عدد من البلدان الفقيرة. على الرغم من الآمال التي يحدثها أوباما على نطاق واسع اليوم عندهم، فإنه لن يحميهم غدا. فعندما لم يكن إلا مرشحا، قدم، مع ماكين، دعمه لخطة بوش المالية، حيث أعطى، كما فعل ساركوزي هنا، عدة مئات المليارات لإنقاذ البنوك والمصرفيين من الأزمة التي تسببوا فيها بأنفسهم، دون إعطاء مليم واحد لأولئك الذين طردوا من ديارهم، ولا حتى قرار بتأجيل دفع ديونهم.

في الولايات المتحدة، كما هنا في فرنسا، لا يمكن حماية الطبقات العاملة من لأزمة إلا عبر التعرض إلى الطبقة الرأسمالية وثروتها المتراكمة. وهو ما لن يفعله أوباما، وإنه حتى لم يقل أنه سيفعل ذلك.

كل ما في وسعنا تأمله للطبقة العاملة الأمريكية، هو أنها، مهما كان الشخص الذي صوتت له، لا تضع لنفسها الأوهام حول الرئيس المنتخب، وخاصة إذا كانت لديه وعود بالتغيير. فجملة "لا يوجد منقذ علوي" من نشيد الأممية ترن بصحة كبيرة بالنسبة للعمال في أميركا كما في كل مكان. ولنتذكر جيدا أن الجيل الذي عانى من الأزمة الأكبر في الماضي، التي بدأت في عام 1929، كان الجيل الذي استطاع الرد والقيام بأكبر الإضرابات وحركات النضال في تاريخ الحركة العمالية الأمريكية.

٧ تشرين الثاني - نوفمبر ٢٠٠٨ من الكفاح العمالي، العدد٢١٠١