سوريا : المناورات الكبيرة لتحضير مرحلة ما بعد الأسد - 2012

Εκτύπωση
ترجمة

النضال العمالي رقم 2296 من 3 أغسطس 2012

منذ عدة ايام تجري معركة حامية حول مدينة حلب في سوريا. فبعدما احتلت قوات الجيش السوري الحر المدينة، يحاول جيش بشار الأسد ابعاده عنها. وكالمعتاد، لا يوفر الجيش النظامي الوسائل ليقصف أحياء بكاملها دون أي اعتبار للسكان المدنيين الذين لم يعد أمامهم إلا الفرار.

وتأتي أهمية حلب ليس بمجرد كونها المدينة الثانية حجما في سوريا وباعتبارها العاصمة الاقتصادية للبلاد، بل أيضا بقرب موقعها من الحدود التركية. ويبدو أن المتمردين قد سيطروا، على الأقل لفترة قصيرة، على الطريق الذي يمتد على بضع عشرات الكيلومترات الى الحدود، مما سمح لهم باستقدام القوات والعتاد من تركيا. وبذلك يصبح بإمكانهم السيطرة على جزء من الأراضي السورية، وتحويل المواجهة العسكرية مع جيش الأسد إلى حرب مواقع.

فبعد سنت ونصف للاحتجاجات ضد النظام، تغيرت المواجهة في طبيعتها، حيث تتجه اكثر فاكثر إلى مواجهة بين تيارين عسكريين لا يكترثان بالعواقب على السكان. ف"الجيش السوري الحر"، الذي يسيطر عليه الاسلاميون بشكل واضح، يحاول فرض نفسه على أنه الجناح المسلح للمعارضة بوجه الأسد. وهو يحظى بدعم من المملكة العربية السعودية ودول الإمارات العربية الذين يمدانه بالسلاح، وأيضا، وبشكل أكثرفأكثر وضوحا، بالدعم التركي.

لا يمكن لأحد أن يعرف إلى متى سوف تطول هذه المواجهة ولكن من المؤكد أن مناورات مكثفة تجري حاليا لتحضير مرحلة ما بعد الأسد. ففي أواخر يونيو، أدى سقوط طائرة تركية اصيبت بصاروخ عند دخولها المجال الجوي السوري إلى حشد القوات التركية على الحدود السورية. وعلمنا أيضا بهذا الصدد بوجود سفن من عدة دول في حلف شمال الاطلسي، بما في ذلك تركيا والولايات المتحدة، كانت تجري مناورات قبالة الساحل السوري كي تتهيأ لجميع الاحتمالات.

لا يزال زعماء الغرب يستبعدون التدخل العسكري المباشر في سوريا، لكنهم بموازاة ذلك يريدون أن يكونوا حاضرين للقيام بذلك إذا ما لزم الأمر، عند انهيار نظام الأسد. إذ إن لم يكونوا في عجلة لرؤية نهاية هذا النظام الذي خدمهم في العديد من المناسبات والذي ساعد على الحفاظ على نوع من الاستقرار في المنطقة، فهم مقتنعون الآن أن نهايته قادمة لا محالة. بذلك، يحاولون تأمين وسائل السيطرة على ما سوف يحدث بعد ذلك، حتى لو كان ذلك يعني التوصل إلى اتفاق مع الحامي الرئيسي حتى الآن لنظام الأسد أي وهي روسيا.

أما بالنسبة للقادة الأتراك، فقواتهم مستعدة للتدخل، وهم قد أعربوا عن قلقهم إزاء إمكانية بدء تشكيل ميليشيات في المناطق الكردية في سوريا والتي تتواجد على الحدود التركية. فهم يتخوفون من أن يصبح الكردستان السوري المستقل نقطة دعم لانفصاليين الأكراد في تركيا. ويجري القادة الأتراك اتصالات مع مختلف ممثلي المعارضة السورية في محاولة لتحضير بديل للأسد. وأخيرا، أعلن وزير الخارجية التركي أن بامكانه وجود ملجأ للأسد كي يستطيع التقاعد بسلام على غرار بن علي وغيره من الدكتاتريين.

لكن كل هذه المناورات لا تزال تتعثر على عقبة رئيسية وهي أن الأسد لم يشر بوجود نية للتنحي ونظامه لا يزال يبدو صلبا على الرغم من حدوث عدد من الانشقاقات في سفوفه. ولكن هذه المناورات تبين أن الخليفة السياسي للأسد سوف يكون على الاغلب أداة في يد بعض الأنظمة المجاورة، ومن ورائها الدول الامبريالية، بدل من أن يكون بيد الشعب السوري بشكل يمثل تطلعاته الديمقراطية.

اندريه فريس