برنامجنا السياسي - 2008

Imprimir
ترجمة

١١ أيار/مايو ٢٠٠٨

هذا النص هو مقتطف من الخطاب الذي ألقته أرليت لاغييه Arlette Laguiller خلال الاحتفال السنوي لحزب الكفاح العمالي Lutte Ouvrière في ١١ أيار/مايو ٢٠٠٨

إن احتفالنا السنوي هذا يتكرر منذ العام ٬١٩٧١ ?? ... أحداث أيار٬٦٨ وهو الآن الاحتفال الوحيد لأقصى اليسار الثوري.

ذلك هو نتيجة عدة عوامل٬ أبرزها٬ من دون شك ما يلي :

فيما كانت العديد من المنظمات٬ مع قوتها في الأعوام التي تلت ٬١٩٦٨ قد اختفت أو انحلت ؛ وفيما كان العديد من قيادييها٬ الذين كانوا يطلقون على أنفسهم صفة الثوريين٬ يذهبون للاندماج في النظام السائد٬ من الأعلى إن أمكن لهم٬ في الوزارات أو على رأس الصحف ؛ وفيما أن العديد من مفكري هذه المنظمات قد أصبح من الفلاسفة شبه الرسميين في أورقة اليمين أو اليمين المتطرف، بقينا نحن أوفياء لمعتقداتنا الشيوعية والثورية.

هذا الاحتفال الشعبي السنوي هو احتفال سياسي أيضا. احتفال تعرض فيه٬ وبفخر٬ أفكار الصراع الطبقي، وأفكار التحرر الاجتماعي وكذلك تقاليد التيار الشيوعي الثوري، على الرغم من انه قد أصبح من الدارج أن تحذف كلمة "ثوري"٬ "عامل"، "شيوعي" أو حتى "اشتراكي".

أفكار للمستقبل

نعم، نحن نريد أن نحمل العلم عاليا٬ نريد إدامة تقليد الحركة العمالية الذي جسده في الماضي ثوريو كمونة باريس، والحزب الاشتراكي عند نشأته أيام لافرغ (Lafargue) وغاد (Guesde)، وكذلك الحزب الشيوعي، هذا الحزب الذي تأسس٬ تحت تأثير الثورة البلوريتارية في روسيا٬ في مواجهة القيادة الإصلاحية في الحزب الاشتراكي آنذاك.

ونحن لا نزال مقتنعون أنه في إعادة الأفكار والمبادئ المنبثقة عن تجربة قرن من الحركة العمالية والنضال، من نجاحاتها إلى إخفاقاتها، تكمن إمكانية استعادة الدور السياسي للطبقة العاملة٬ هذا الدور الذي قد لعبته في بعض الفترات٬ لتلقي بثقلها على الحياة السياسية والاجتماعية في هذا البلد.

كل شيء في تطور الرأسمالية٬ حتى أيامنا هذه، يدل على أن النظام الاقتصادي الحالي٬ القائم على الملكية الخاصة والسوق والبحث عن الربح، غير قادر على تحسين حال أهل العمل، ولا حتى حال المجتمع بأكمله.

على الرغم من تقدم العلم والتكنولوجيا، على الرغم من زيادة إنتاجيه اليد العاملة، فالفوارق الاجتماعية لا تتناقص بل تتزايد أكثر من أي وقت مضى.

الحياة لم تكن أبدا سهلة للأسرة العاملة، ولكنه قبل ثلاثين أو أربعين عاما٬ كان من الممكن لها أن تتأمل حالا أفضل للأجيال القادمة. أما اليوم، فأي أسرة لا تخشى أن يكون الحال أكثر سوءا لجيل الشباب؟ أن تزيد البطالة، وتنخفض الأجور، ويتفاقم انعدام الأمن الاجتماعي؟ وهذا الشعور فيستند إلى الانخفاض المستمر في الأجور منذ ثلاثين عاما على الأقل.

وإنما هذا التدهور للأوضاع المعيشية لدى الطبقة المنتجة الوحيدة في المجتمع فلهو مثير للاشمئزاز خصوصا عندما تزداد في المقابل البرجوازية الكبيرة ثراء بشكل مشين وتعلن الشركات عن أرباح كبرى.

الأزمة المالية الراهنة هي دليل على أن الرأسمالية ليست فقط مجرد نظام اجتماعي ظالم فحسب، بل أنه لنظام مجنون ومختل لدرجة أن ليس بمقدور أحد٬ ولو كان من أرباب الاقتصاد٬ التحكم بطريقة عمله. والرأسمالية ليست مجرد نظام اقتصادي لا ينفك عن مراكمة المزيد من الثروات في أيدي أقلية ودفع الأغلبية في براثن الفقر٬ بل هي أيضا هذا نظام حيث تتبخر جراء المراهنات مئات المليارات في البورصة٬ وكل هذا المال كان قد تراكم نتيجة الاستغلال. فأيا كان المنحنى المستقبلي الذي ستأخذه الأزمة المالية الراهنة، فإنها تمثل حتى الآن خسارة مروعة و تبذير مثير للاشمئزاز.

لهذا،فإننا نريد أن نجسد هذا التيار من الحركة العمالية والذي يعتقد بضرورة الانتهاء من تحكم أقلية من الرأسماليين على بالاقتصاد بأكمله. هذا التيار ذو العقيدة بأن العاملين وحدهم، من عمال وموظفين وفنيين، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المهن التي أوجدها اقتصادنا الحالي، كل هؤلاء الذين تدور عجلة الاقتصاد بفضلهم، وحدهم لديهم القدرة لتحقيق التحول الجذري في المجتمع. الطبقة العاملة هي وحدها التي تملك القوة الاجتماعية الضرورية لنزع ملكية رأس المال الكبير٬ ووضع حد للاستغلال والمنافسة والسعي لتحقيق الربح، و السماح أخيرا للقوى الاجتماعية بإدارة الإنتاج بشكل يلبي احتياجات الجميع.

وإنه من المهم التأكيد على استمرار الأفكار الشيوعية الثورية في زمن الرجعية على وجه التحديد. من الواضح أن هذه الأفكار ليست هي السائدة حاليا، ولكنها أفكار للمستقبل.

عام من رئاسة ساركوزي لصالح الأكثر غناء فقط.

إنه بمقدار الجميع أن يرى أن هذا الرجل هو المتحدث الرسمي باسم الأكثر غناء في المجتمع، أي هذه الأقلية التي تستغل العمال وتدفع بهم نحو مزيد من الفقر. (...)

لن أتلو عليكم جميع سلسلة التدابير التي نحن قدمها بأنها "الإصلاحات" الناجعة والتي لا مفر منها. القاسم المشترك بين كل هذه التدابير أنها تلحق سوءا بكل الطبقات الشعبية حينا٬ أو بهذه أو بتلك الفئة حينا آخر. و إنه لمن الصعب علي وضع قائمة بكل هذه التدابير، لكثرة عددها.

مجمل سياسته يهدف إلى الأخذ من الفقراء ليعطي الأغنياء.

قال الفريق في السلطة أن خزائن الدولة فارغة. إن هذا لم يمنعه من تدشين قدومه إتى السلطة بمشروع توزيع البلايين للمالكين صغارا كانوا أو كبار٬ وإقامة هذا "الدرع المالي" الذي لا يحمي إلا الأكثر غناء.

ولكنه من جهة أخرى يجبر العمال والمتقاعدين والعاطلين عن العمل على المزيد من الدفع. من الزيادة في الوكالات الطبية إلى خفض استحقاقات الأسرة، وزيادة عدد السنوات اللازمة للحصول على معاش تقاعدي كامل٬ إلى انخفاض مبرمج لإيرادات العاطلين عن العمل، والحد من عدد الوظائف في الخدمات العامة٬ وإلى تدهور حال الرعاية الصحية في المستشفيات و حال التعليم في المدارس. وهذا كله يطال الأوساط الشعبية٬ وبشكل خاص ذوي الدخل المتواضع.

وهذا كله في حين أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، الغاز وزيت التدفئة والوقود، يقوم بتدمير القوة الشرائية. ولرجل كان قد وعد، من اجل الحصول على أصوات الناخبين، بأنه سوف يكون "رئيس القوة الشرائية"، فإن الكذبة سافرة ومبتذلة.

قبل عام، في حين احتفالنا السابق، كان ساركوزي٬ الذي انتخب للتو٬ يقدم من قبل الأحزاب اليسارية باعتباره الرجل القوي. و هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها هذه الأحزاب السلطة اليمينية كسلطة قوية، والهدف من ذلك ببساطة هو إخفاء جبنها السياسي لمكافحتها. (...)

لكن من يفرض هذه التدابير ليس على واجهة المسرح. ونحن كنا قد قلنا مرارا وتكرارا خلال حملة الانتخابات الرئاسية في العام ٢٠٠٧ أنه لا ينبغي لنا أن ننخدع أمام كوميديا التصادم هذه بين القادة السياسيين. فهم الواقع ليسوا إلا دمى تدار من قبل أشخاص آخرين مكونين من كبار أرباب العمل، قادة ومالكي المجموعات الصناعية والمالية الكبيرة٬ والمصارف الكبيرة. هؤلاء الناس يعرفون أنه ليس من الممكن ضمان الأرباح العالية المرجوة أمام الوضع المالي الحالي إلا من خلال الضغط المتزايد على العاملين من الناس. وهم بذلك يضعون حال الناس وظروفهم المعيشية، تحت رحمة سوق البورصة وتفاوت مستوى المراهنات.

هدفهم في جميع المؤسسات في جميع البلدان، الحد من حجم الأجور عن طريق تجميد الرواتب، وتقليل عدد الموظفين حيث ينفذ المزيد والمزيد من العمل من قبل عدد اقل من العمال.

وإنه في سبيل تسهيل كل ذلك٬ يطلب أرباب العمل من الحكومة أن تقوم بتعديل قوانين العمل لتسهيل الإقالة، وتعزيز العقود الهشة أمام العقود غير المحددة المدة، وتقييد حق الإضراب.

أرباب العمل هم أيضا من يطلب بشدة من الدولة بأن تقوم بتحويل ما أمكن من أموال خزينة الدولة لمصلحتهم٬ وذلك على حساب الطبقات الشعبية. وما هم إن أدى ذلك إلى خفض الميزانية المخصصة لبناء المستشفيات والمدارس الأحياء الشعبية، لوسائل النقل العام المستعمل من قبل العاملين. وهم يطلبون أيضا من الحكومة أن تضع تحت تصرفهم المزيد والمزيد من مال صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق المعاش التقاعدي. لكن هذه الصناديق ممولة من قبل العاملين، وهذا المبلغ يمثل جزءا من رواتبهم. فكلما تقررت الحكومة تخفيض أو إلغاء، "الرسوم الاجتماعية" عن أرباب عمل فئة معينة٬ فذلك هي في الواقع إعانة لأصحاب العمل من مال الموظفين. ومع بعد هذا كله٬ نجدهم يحملون المضمونين مسؤولية العجز الحاصل في الضمان الاجتماعي !

حكومة اليمين، العدو المعلن للعمال حول العالم!

ولكن في مقابل هذه الحكومة اليمينية، فاليسار الرسمي، أي الحزب الاشتراكي بشكل أساسي، غائب تماما. ولتفسير صمت وتردد هذا الحزب، تصر الصحافة على تصادم الطموحات في القمة بين المرشحين الكثر لمنصب سكرتير أول الحزب أو للانتخابات الرئاسية المقبلة.

تصادم الطموحات، لا شك. لكن تردد الحزب الاشتراكي ليس نتيجة كثرة قادته. إن أراد الحزب الاشتراكي استرجاع ثقة الناخبين من الطبقة الشعبية٬ فلا بد له أن يقدم مقترحات سياسية مختلفة عن سياسة اليمين. لكن رغم كونه في المعارضة حاليا ولمدة أربع سنوات أخر، فالحزب الاشتراكي لا يريد تقديم أية طروحات من شأنها أن تكبله في حال وصوله إلى السلطة مستقبلا.

سيغولين رويال Ségolène Royal، على سبيل المثال، وفي مقابلة معها من صفحتين نشرت في جريدة الباريسي parisien le ٬ أعربت عن شجبها لسياسة ساركوزي، كوعوده الكاذبة من اجل زيادة القوة الشرائية، وزيادة الحد الأدنى للمعاش التقاعدي والمعاشات التقاعدية الصغيرة. وتلاحظ روايال زيادة سخط الناس قائلة " إن أزمة خطيرة جد ممكنة." ولكنها بالنسبة لمسألة كمسألة البطالة لا تجد ما تقترحه سوى التدريب أو استرداد الحرف مثل البناء، وخدمات تقديم الطعام أو في المنزل! أما عن السؤال : "كيف يمكن زيادة القوة الشرائية؟ " فاقترحت مضاعفة المكافأة على العمل، ما يعني جعل الدولة القيام بالدفع٬ وليس إجبار أرباب العمل لزيادة الأجور.

خلال السنوات التي تولى الحزب الاشتراكي فيها السلطة، قام بتغيير بعض الأمور في الاتجاه الحسن، كإلغاء عقوبة الإعدام، أو استحداث ميثاق التضامن المدني PACS٬ ولكنه في الواقع لم يغير شيئا بالنسبة لمستوى المعيشة والأجور وظروف العمل. لأنه، في سبيل تغيير الأمور على هذا الصعيد المهم٬ والذي يهم فعلا العاملين، لا بد له من أن يمس أرباح أرباب العمل. لكن الحزب الاشتراكي، وإن كان في مقعد المعارضة٬ يتجنب تقديم أي وعود يمكن أن تلزمه على هذا الصعيد.

و ساركوزي٬ على الرغم من سقوط شعبيته، يتابع سياسته بإصرار(...). فالقادة السياسيون يلزمون لهذا أيضا : تحمل المسؤولية السياسية للقرارات المنبثقة عن أرباب العمل، حتى ولو كان ذلك يقلل من شأنهم. فهم بمثابة صمامات أمان. فكبار أرباب العمل يهزؤون من الطموح الوظيفي لهذا أو ذلك من السياسيين، من اليمين كان أو من اليسار٬ حيث أنه يمكن استبدالهم دون أن يؤثر ذلك على مصالحهم.

ولكن بمواصلة الضربات الموجهة ضد الأوساط الشعبية٬ سوف يتسبب ساركوزي وحكومته في نهاية المطاف بإثارة الانفجار الاجتماعي. هذا التفجير الذي يتوخاه فريق السلطة ويقلق القادة الاشتراكيين هو السبيل الوحيد لوقف الضربات التي يتعرض العمال٬ ولكن بشرط أن يطيح ليس فقط الدمى الموجودة على مسرح الأحداث ، بل أيضا وخصوصا بأولئك الذين يمسكون الخيوط في الخلف، وذلك من خلال فرض ميزان جديد للقوى على أرباب العمل.

مطالب ضرورية

ليس فقط يجب زيادة عامة وكبيرة لكافة الأجور وكافة المعاشات التقاعدية، ولكنه يجب أن تكون زيادة الأجور مفهرسة حسب تطور الأسعار. في الماضي٬ كان الشيوعيون الثوار يطالبون٬ أمام ارتفاع معدلات التضخم أو ارتفاع حاد في الأسعار، بالتدرج المتحرك للأجور٬ كما طالبوا بضرورة أن توفر العقود الجماعية الزيادة التلقائية لهذه للأجور وفقا لارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. هذه المطالب أصبحت من حضر الواقع. نعم ، لا بد من جدول متدرج للأجور والمعاشات الاجتماعية!

الأمر ليس بحماية مصالح العاملين فقط من الطبقة العاملة. إن أحد المظاهر غير المحمولة كنتيجة لتركيبة الاقتصاد الرأسمالي المختل هو تحويل نسبة متزايدة من العمال إلى عاطلين عن العمل بشكل مزمن، يتكلون للبقاء على قيد الحياة على الفتات الذي تريد الدولة رميه لهم. والحكومة لا تقلل من المساعدات فحسب، بل تتعمد إذلال العاطلين عن العمل هادفة بذلك إلى تحميلهم مسؤولية بؤسهم. على العمال عدم القبول بهذا التقسيم بين العاملين والعاطلين عن العمل. كما أنه أحر عليهم رفض الفصل بين من حاملي بطاقة الهوية الفرنسية والعمال المهاجرين، مع أو بدون أوراق. فابعد من الضرورة البديهية للتضامن الإنساني من أجل تنظيم حال جميع من ليس لديه الوثائق القانونية للعمل٬ أود أن أؤكد بثبات : نحن جميعا من نفس الطبقة العاملة!

البطالة انخفضت في الإحصاءات الحكومية. ولكن الشركات الكبيرة ما زالت تقيل، وتغلق أو تنقل المصانع٬ وتحد من عدد العاملين على أقلها من خلال طرد العمال المؤقتين. هنا يجب، عندما يسمح ميزان القوى بذلك٬ فرض حظر الإقالة٬ وإجبار أرباب العمل على توزيع العمل بين الجميع من دون فقدان قيمة المعاش.

ولكن فرض هذه الأهداف، التي هي الوحيدة القادرة على تخفيف للمعاناة الطبقة العاملة، يمر عبر تحدي سلطة كبار أرباب العمل المطلقة على المؤسسات التجارية. وهذه ليس ممكن إلا عن طريق كفاح عام وعلى نطاق واسع، يشمل الطبقة العاملة بمجملها، و بشكل قوية بما يكفي لإقلاق كبار أرباب العمل وإجبارهم على التراجع..

ولا يمكن أن يكون هناك تغيير أساسي بالنسبة للعمال دون مثل هذه التعبئة. ولكن عندما يحدث ذلك، يجب على العمال فرض مطالب تغير حياة العمال بشكل دائم.

يجب أن يفرض على أرباب الشركات الكبيرة أن يعلنوا بشكل يومي عن حسابات شركاتهم. لا بد من أن يكون العاملون في الشركة والمستهلكون٬ على علم بمشاريعها في المديين القصير والبعيد. يجب أن يكون بإمكانهم معرفة حجم إيراداتها وأيضا كيف تخطط استخدام هذه المبالغ.

ويجب أيضا جعل دخل وممتلكات أصحاب الشركات الصناعية والبنوك في متناول معرفة الجميع. و لمن شأن هذا وحده أن يثبت انه من الممكن تماما تلبية المطالب الأساسية للناس: الحفاظ على فرص العمل، زيادة الأجور، ضمان السكن اللائق للجميع والقسط الكاف من التعليم للأطفال من الأوساط الشعبية. يمكننا أن نفرض عدم استعمال في مراهنات البورصة الأموال المجناة عبر استغلال العمال.

الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تتمثل في إلغاء كافة القوانين التي تحمي الأسرار التجارية وقانون السرية المصرفية. هذه الأسرار التي تؤمن التغطية للقرارات المتخذة من أرباب العمل ومجالس إدارة الشركات٬ والتي تضر بالعمال وبالمجتمع. وللعمال على الأقل نفس الحق بالنسبة للرأسماليين بمعرفة "أسرار" الأعمال التجارية والصناعية والمالية والاقتصاد كله.

وهذا البرنامج ليس ببرنامج ثورة، وإنما هو لمطلب أساسي يجب فرضه خلال النضال العام.

وتحديدا أثناء النضال العام، عندما يصبح الملايين من العمال قلقين إزاء مصيرهم ويريدون التأثير عليه٬ يصبح من السهل عليهم فرض مثل هذه الرقابة. ذلك لأنهم هم من يحرك الاقتصاد. وهم يعرفون بشكل جماعي كيفية ما يجري في شركاتهم. فإنهم من يمسك الحسابات. و إنه ليكفي إن وضعوا بشكل مشترك ما يعرفون٬ ليتمكنوا بالتالي استخلاص ما ينتج من استنتاجات.

وهذا هو البرنامج الذي نعمل على نشره منذ سنوات عديدة ، منذ أدت لا عقلانية الاقتصاد الرأسمالي إلى هذه الأزمة التي طال أمدها مع تماوجتها المتعاقبة التي لم يتمكن المجتمع من التخلص منها بعد.

هذا هو البرنامج الذي ندافع عنه في جميع الانتخابات، كلما كان بمتناولنا الوسائل للخطاب أمام عامة الناس. وهو برنامج نضال، وانه لا يمكن اعتماده من قبل العمال الذين يريدون تغيير مصيرهم إلا في حين نضال كبير.

ولكن في سبيل أن يأخذ العمال هذا البرنامج على عاتقهم٬ وإعطائه القوة القادرة على فرضه، إننا ما زلنا بحاجة إلى المناضلين من اجل الترويج لهذا البرنامج دون كيد أو كلل. (...)

أفكارنا وبرنامجنا تتلاءم مع فترات الأزمات الاجتماعية. ومن المؤكد أننا لا نملك الوسائل كي تضمن أن تجد طبقتنا الاجتماعية هذه، أن يجد الملايين من العمال٬ الثقة مجددا في أنفسهم٬ وبالتالي يلتئمون بروح التضامن والتعاون وروح القتال التي هي خاصة بهذه الفترات التي ضغطت بخلالها الطبقة العاملة بوزنها على الحياة السياسية. وأرباب العمل مع طمعهم الامحدود٬ وخدمهم من السياسيين عبر استفزازاتهم٬ سوف يؤدون إلى مجيء هذا الحين٬ لا محالة. وما نستطيع فعله هو الدفاع عن أهداف، ووضع برنامج للنضال، يؤدي إلى تغيير الحياة.