دولة إسرائيل: أداة الإمبريالية في الشرق الأوسط – أكتوبر 2023

چاپ
ترجمة

دولة إسرائيل: أداة الإمبريالية في الشرق الأوسط   

من أسبوعية النضال العمالي – 11 أكتوبر 2023، العدد 2880

 

إن الدول الإمبريالية التي تسيطر على العالم تدعم إسرائيل في حربها ضد غزة. ليس فقط أن وسائل الجيش الإسرائيلي، بفضل المساعدات الأمريكية، هي أكبر بكثير من تلك التي يمتلكها البضعة ألاف من مقاتلي حماس، ولكن الولايات المتحدة أرسلت حاملة طائراتها الأكثر حداثة وطراد وأربع مدمرات وعدد قليل من الغواصات إلى قرب الصراع.

ولا يتعلق الأمر بالدفاع عن الديمقراطية ضد الإرهاب، ولا يتعلق بحق الشعب اليهودي في الوجود، بل يتعلق بالدفاع عن النظام الإمبريالي الذي أصبحت إسرائيل ذراعه المسلحة في هذا الجزء من العالم.

وهذا لم يحدث في يوم واحد. فالشرق الأوسط، الذي كان في السابق تحت السيطرة العثمانية، قد وقع تحت سيطرة فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى. فرسموا الحدود هناك بما كان يحلي لهم، وقمعوا بشدة المشاعر القومية للسكان. وفي الوقت نفسه سمحت الإمبريالية الإنجليزية بالهجرة اليهودية إلى فلسطين، معتبرة أنها سوف تضعف من النفوذ المتزايد للقوميين العرب.

والحركة الصهيونية، التي دعت إلى الاستيطان اليهودي في فلسطين، والتي كانت في البداية أقلية للغاية في المجتمع اليهودي العالمي، اتخذت صدى آخر مع الحرب العالمية الثانية وإبادة اليهود. فبدت المغادرة إلى فلسطين، وبناء دولة يهودية، هو الحل الوحيد للناجين الذين خسروا أسرهم بأكملها، وماضيهم بأكمله، وكل روابطهم. فغادر مئات الآلاف منهم إلى الشرق الأوسط.

من الحركة الصهيونية إلى قيام إسرائيل

ومن أجل إنشاء موطنهم وتحقيق دولتهم، أنشأ المسلحون الصهاينة مجموعات مسلحة، واستخدموا الدبلوماسية والهجمات في آن. وفي نهاية المطاف، سلمت بريطانيا انتدابها للأمم المتحدة في فبراير/شباط 1947. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، صوتت الأمم المتحدة، بالاتفاق مع كل القوى العظمى بما في ذلك الاتحاد السوفييتي تحت قيادة ستالين، على تقسيم فلسطين بين دولة يهودية ودولة عربية. ورفض الطرفان هذا التقاسم، وبدأت الحرب الأولى بين الميليشيات الصهيونية والدول العربية المجاورة، أعلن خلالها قيام دولة إسرائيل في 14 مايو 1948. وانتهت الحرب في تشرين الثاني/نوفمبر بتوسيع الأراضي الإسرائيلية واعتراف القوى العظمى بها بحكم الأمر الواقع. أما بالنسبة للدولة العربية الفلسطينية المتوخاة، فإنها لن ترى النور، مع احتلال الأردن ومصر للجزء المتبقي من الضفة الغربية وغزة.

وفي العديد من القرى الفلسطينية، تم طرد السكان، وأجبروا على مغادرة المنطقة للاستقرار في المخيمات التي لا يزال أحفادهم يعيشون فيها، في لبنان أو الأردن أو قطاع غزة. ومهما كانت الادعاءات الاشتراكية للعديد من رواد إسرائيل الشباب، وحماسهم وإيمانهم، فقد قام القادة الصهاينة في ذلك الوقت ببناء دولة لليهود وحدهم، ضد الفلسطينيين. بل إنهم فعلوا ذلك ضد إرادة جميع شعوب المنطقة وانتهزوا أول فرصة لإثبات ذلك أمام أعين العالم. وبعد تأميم عبد الناصر لقناة السويس في مصر في 26 يوليو 1956، أرسلت فرنسا وبريطانيا قوات لمعارضة ذلك. شاركت إسرائيل في العملية العسكرية، وحصلت بذلك على وسام المدافع عن النظام الإمبريالي في المنطقة.

 

الذراع المسلحة للإمبريالية

منذ ذلك الوقت، وخلال حروبها المتعددة ضد جيرانها ومن خلال التنمر المنهجي على السكان الفلسطينيين، وضعت حكومات إسرائيل المتعاقبة بلادها طوعا في موقف الدولة القوية المحاصرة. وهذا ما جعلها ذات قيمة في نظر القادة الإمبرياليين وفائدتها في مساعدتهم على السيطرة على هذه المنطقة المليئة بالأهمية الاستراتيجية والاقتصادية. إن دكتاتوريات الدول العربية، حتى تلك الملتزمة بالإمبريالية، هي أنظمة هشة ودائما تحت رحمة انفجار قادم من سكانها الفقراء، أو حتى ثورة. أما دولة إسرائيل، من ناحية أخرى، فكانت تعتمد على سكان مقتنعين بضرورة وضع أنفسهم بالضرورة في المعسكر الغربي والاستعداد للقتال من أجل هذا المعسكر. ودولة إسرائيل، التي يفترض أنها تنتمي بطبيعتها إلى هذا المعسكر، استفادت دائما من المساعدات المالية والعسكرية الوفيرة من الإمبريالية ودعمت كل انتهاكاتها.

وفي المقابل، يمنح قادة الإمبريالية الحرية الكاملة للحكومات الإسرائيلية ويصيغون تاريخ المنطقة بما يتناسب مع مصالحهم.

وللتذكير، ففي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وهي البلدان التي ترسخت فيها معاداة السامية منذ فترة طويلة، لم يكن اكتشاف فظائع المعسكرات النازية أمرا ليهز المجتمع خلال مدة 25 عاما. ولكن مع تزايد أهمية أمن العمليات النفطية، وعدم استقرار الأنظمة العربية، وإثبات الجيش الإسرائيلي قدرته على تهديد منطقة الشرق الأوسط كافة، بدأت القوى الإمبريالية في الابتعاد

 

لكن عندما أصبحت مسألة تأمين الموارد النفطية أمرا حاسما، وأصبحت الأنظمة العربية غير مستقرة، بالموازاة عن إثبات الجيش الإسرائيلي عن قدرته على تهديد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بدأت القوى الإمبريالية تضع نفسها كحماة لحق الشعب اليهودي بالوجود. فتمت تمت إعادة تسمية الإبادة في المعسكرات النازية بالمصطلح الديني "الهولوكوست" لمحو الأسباب الحقيقية للمذبحة، والتي كانت نتاج أزمة الأنظمة الرأسمالية المتنافسة في أوروبا. وهكذا أصبح الدعم المتواصل لإسرائيل، مهما فعلت حكومتها، أمرا ثابتا في سياسة الزعماء الغربيين، كما يتبين مرة أخرى من تأييدها الحالي لإسرائيل.

إن قادة الإمبريالية، بتسليحهم دولة إسرائيل، لا يقومون بالدفاع عن اليهود، بل إنهم يدافعون عن نظامهم، ولكن ليس على حساب حياة الفلسطينيين فحسب، بل على حساب حياة الإسرائيليين أيضا.

 

مصدر النص: https://www.union-communiste.org/ar/lnsws-bllg-lrby

النص باللغة الفرنسية: https://journal.lutte-ouvriere.org/2023/10/11/letat-disrael-instrument-de-limperialisme_727005.html