"إرهابي" أم لا: حرب كلامية وابتزاز سياسي - أكتوبر 2023

چاپ
ترجمة

"إرهابي" أم لا: حرب كلامية وابتزاز سياسي

من أسبوعية النضال العمالي – 20 أكتوبر 2023، العدد 2881.

على جميع أجهزة التلفزيون والإذاعة، يطرح نفس السؤال: "هل تعتبرون حماس منظمة إرهابية؟" لكن هذا السؤال لا يهدف، رغم الظاهر، إلى تحديد مدى تضامن من أجريت معهم المقابلات مع ضحايا الاغتيالات التي ارتكبتها حماس.

إن الحكومة والصحفيين العاملين في خدمتها لا يهتمون بهؤلاء الضحايا، لكنهم يعملون على إجبار الجميع على اختيار معسكر الإمبريالية وإسرائيل دون نقاش.

إن استهداف المدنيين بشكل أعمى لقتلهم، كما فعلت حماس، هو عمل همجي ولا يساعد القضية الفلسطينية. بل على العكس من ذلك، فقد عملت على تحويل مليوني سكان غزة إلى رهائن وضحايا للقصف الإسرائيلي. وبعيدا عن السماح بإحراز تقدم نحو الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، فإن هذه الأعمال البغيضة لا يمكن إلا أن تدفع الشعوب الأخرى، وخاصة الإسرائيليين، للاصتطاف وراء قادتهم.

ولكن إذا عملت حماس على نشر الموت بين الإسرائيليين لإرهابهم، فهي تستخدم نفس الأسلحة التي تستخدمها دولة إسرائيل التي تقوم بذلك على نطاق أوسع بكثير. فمنذ سنوات وإسرائيل تقصف غزة بشكل عشوائي. وقد قتل الجيش الإسرائيلي مئات الأطفال والمدنيين ودمر المستشفيات والمدارس تحت أنظار القوى العظمى المتواطئة معه. ومع ذلك، لا تعتبر المؤسسات الدولية الجيش الإسرائيلي منظمة إرهابية. لأنه، بالنسبة لهذه المؤسسات التي تمنح نفسها الحق في تحديد من هو إرهابي ومن لا يكون إرهابيا، فإن بعض جرائم قتل المدنيين مقبولة والبعض الآخر غير مقبول. بالنسبة لهم، إن قتل المدنيين بالآلاف بوسائل تملكها دولة تدعمها القوى العظمى ليس إرهابا، أما القيام بذلك ضد دولة تدعمها هذه القوى، فيصبح ذلك إرهابا.

كما أن هذه المؤسسات الدولية لا تعتبر أن إسقاط قنبلتين ذريتين على مدن يابانية عام 1945، والتي خلفت مئات الآلاف من القتلى على الفور، ونفس القدر في السنوات التالية بسبب تداعيات الاشعاع النووي، يمثل عملا همجيا وإرهابيا. لأنه بخلاف ذلك سيتعين علينا أن نعترف بأن أكبر منظمة إرهابية في العالم تسمى الولايات المتحدة.

وخلال حرب الجزائر، طلبت الحكومة الفرنسية تصنيف جبهة التحرير الوطني الجزائرية على أنها إرهابية؛ خلال هذا الوقت قام جيش فرنسا بتعذيب المدنيين وقصف القرى وترحيل الجزائريين. لكنه، وبكل سفاهة، سمى هذه العمليات ب"عمليات تهدئة"!

لذا فإن ما هو على المحك وراء هذه الحرب الكلامية لا علاقة له بالتضامن مع الضحايا المدنيين أيا كانوا، ولا برفض الهمجية. الأمر يتعلق بفرض الموقف الحكومي وفكرة أن الدول الكبرى، بما فيها فرنسا، تدعم إسرائيل من أجل قضية محقة، من أجل الدفاع الضحايا العزل.

ليس علينا الخضوع لهذا الابتزاز السياسي. فحماس هي منظمة إسلامية تساهم سياساتها في تعميق فجوة الدم بين الشعوب وكذلك في الحفاظ على سيطرتها الدكتاتورية على الفلسطينيين في غزة. ليس هناك ما يجعلنا نتضامن مع هذه المنظمة، ولكن لدينا كل الحوافز للشعور بالتضامن مع الشعب الفلسطيني ضد دولة إسرائيل وضد حماس نفسها.

إن إسرائيل تشن حربا قمعية واستعمارية منذ أكثر من 70 عاما، مستخدمة وسائل مقززة، ووضعت نفسها في خدمة الحفاظ على هيمنة القوى العظمى في جميع أنحاء الشرق الأوسط. إن هذه الحرب بغيضة. وإن للفلسطينيين نفس القدر من الحق في أن يكون لهم وطن كالإسرائيليين. والفلسطينيون هم أولى ضحايا الحروب والقمع الذي تمارسه دولة إسرائيل والقوى العظمى في الشرق الأوسط.

في الواقع، هناك طرفان في هذه الحرب، لكن ليس الطرفان المعروضان علينا. فمن ناحية، هناك قادة إسرائيل والقوى العظمى، ولكن معها أيضا قادة الدول العربية وحماس وحتى السلطة الفلسطينية، الذين يريدون السلطة قبل كل شيء وكل منهم يساهم بطريقته الخاصة في الحفاظ على اضطهاد الشعوب. ومن ناحية أخرى، ليس للمضطهدين العرب والفلسطينيين والإسرائيليين مصلحة في هذه الحرب. لكنهم لا يستطيعون وضع حد لها إلا من خلال الاتحاد على أساس مصالحهم الطبقية ضد جميع مضطهديهم.

 

مصدر النص: https://www.union-communiste.org/ar/lnsws-bllg-lrby

النص باللغة الفرنسية: https://journal.lutte-ouvriere.org/2023/10/18/terroriste-ou-pas-guerre-des-mots-et-chantage-politique_727136.html